محمد الشريف
محمد الشريف
-A +A
محمد بن إبراهيم الشريف ms32ms@gmail.com
استخدمت البشرية قديماً التعمية لإرسال أفكار ومعلومات، سواء صوتية أو مكتوبة بطريقة مواربة وتعمية، لا يفهمها إلا الأشخاص المعنيون بها ولا أحد سواهم، فمثلاً استخدمت قديماً الرسائل التشفيرية عبر تصاعد أدخنة النار على دفعات متصلة ومنفصلة لإيصال معلومات متفق عليها بين أطراف في مناطق بعيدة.

ويعتبر التمويه في الرسائل والخطابات أولى وسائل التشفير، فقد استخدم القيصر يوليوس قبل أكثر من ألفي سنة نظام تشفير في رسائله المكتوبة، بحيث يتم فهمها إذا استبدل الحرف بثالث حرف يليه، فنظام التعمية والمواربة استخدم من آلاف السنين، وحالياً نحتاج أنظمة التشفير والمواربة في كثير من نشاطاتنا في الحياة، لأن هذه الأنشطة تستخدم وسائل وطرقاً مكشوفة وغير آمنة في الفضاء الإلكتروني، كلما زادت أهمية المعلومات وسريتها زادت الحاجة إلى أنظمة تشفير أعلى، ويعرف التشفير بأنه هو العلم الذي يستخدم الرياضيات للتشفير وفك تشفير البيانات.


وبهذا التشفير يُمكن تخزين المعلومات الحساسة ونقلها عبر الشبكات غير الآمنة -مثل الإنترنت- وعليه لا يمكن قراءتها من قبل أي شخص ما عدا الشخص المرسل له.

وتستخدم في المكالمات الصوتية والمرئية والمكتوبة ذات السرية العالية برامج تشفير خاصة من شركات محدودة في العالم يتم وضعها في هواتف المرسل والمستقبل، بحيث تقوم هذه البرامج بتشتيت المكالمات وبعثرتها في باقات غير مرتبة ومشفرة، لتصبح هذه الباقات بلا معنى إذا تم اختراقها، تقوم الجهات أيضاً بحماية شبكاتها وخوادم بياناتها ومعلوماتها وملفاتها الإلكترونية عبر أنظمة وأجهزة أمن إلكتروني خاصة، تتفاوت من وضع رقم سري إلى بعثرة المحتوى ووضعه في لوغاريتمات تفهمها هذه الأنظمة والأجهزة فقط.

كل هذه الأنظمة والأجهزة والوسائل والطرق التي تستخدم في التشفير والتعمية على ضخامتها وأهميتها، إلا أنها خط البداية لمفهوم الأمن في الفضاء الإلكتروني، فعملية إدارة مفهوم وسياسة الأمن الإلكتروني تحتاج إلى خبراء وإدارة حاذقة تستوعب المتغيرات اللحظية في الفضاء الإلكتروني، وبناءً عليه تعيد ترتيب السياسات وخليط الحواجز والبرمجيات وفقاً للمستجدات اللحظية، وذلك الأمر يستدعي متابعة شديدة للمستجدات في الفضاء الإلكتروني، وتبعاً لذلك إعادة وضبط منظومة الأمن الإلكتروني بكافة المستويات، فقد يتم الاختراق أو التسريب من خلال عامل طلاء الجدران أو عامل سباكة أو مقدم المشروبات الذي تجاوز كل أنظمة الأمن التي ذكرتها أعلاه.